رياضة

«الفرق B»: لماذا يريد الأهلي اللعب في الدرجة الثانية؟

هل يُعتبر نظام الإعارة المتبع في الدوري المصري حالياّ هو السبيل الوحيد أمام الأندية للحفاظ على لاعبيها؟

future صورة تعبيرية: لماذا يريد الأهلي اللعب في الدرجة الثانية؟

يحكي أحد مشجعي النادي الأهلي المصري أنه يشعر بالذنب جراء تقصيره في متابعة كل مباريات فريقه كما كان يفعل سابقاً، ويعزو السبب إلى ظروف الحياة الخانقة، وتفضيله لمتابعة إحدى مباريات الدوري الإنجليزي أو الإسباني إن تزامنت مع أحد مباريات الأهلي المحلية.

لكنه يتحدث عن رصده لظاهرة غريبة كلما قادته الأقدار لمشاهدة مباراة للأهلي في الدوري المصري؛ ألا وهي مفاجأته كل مرة من أن أحد اللاعبين - يعتقد أنه رحل منذ مدة – لا يزال يلعب في الفريق، كان آخرها مفاجأته بوجود كريم نيدفد في مبارة الأهلي أمام الزمالك في الدوري المصري لهذا الموسم.

يثير الطرح أعلاه من صديقنا تساؤلاً حول النظام المُتبع بإعارة الأندية الكبرى لاعبيها - وبخاصة الشباب - لأندية منتصف وآخر الجدول بغية عدم التفريط فيهم، مع محاولة إعطائهم فرصة للمشاركة والاحتكاك، والتساؤل هو: هل يعتبر نظام الإعارة ذاك هو السبيل الوحيد أمام الأندية للحفاظ على لاعبيها؟

على خطى الإسبان: الأهلي في الدرجة الثانية

في مايو 2021 كان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد اتخذ عدة قرارات بشأن تأطير إعارات اللاعبين، وهي أن يُقلص العدد المسموح لكل فريق بإعارته حتى يصل إلى ستة لاعبين في سوق الانتقالات الصيفية 2024؛ والهدف هو محاربة اكتناز أندية بعينها لعدد كبير من اللاعبين، وتعزيز التنافس بين الأندية.

على سبيل المثال وصلت إعارات النادي الأهلي في موسم 2022-2023 إلى 22 لاعباً، ومع اقتراب تطبيق قانون الإعارات الجديد، بدا أن فرقاً مثل الأهلي على وشك خسارة أحد أهم أسلحتها في تدوير لاعبيها بنظام الإعارة؛ مما دفعها للبحث عن حلول بديلة.

مؤخراً انتشرت أخبار أن الأهلي يسعى إلى شراء أحد فرق دوري الدرجة الثانية، لتكون بمثابة ذراع له في الدرجات الدنيا من الدوري، ومتنفس يسمح له بنقل الشباب واللاعبين الزائدين عن حاجة الفريق الأول، والاستعانة بهم وقتما شاء دون أية قيود، وبالطبع إعطاؤهم الفرصة للمشاركة المستمرة، وهذا على غرار ما يُعرف في الدوريات الأوروبية بالفرق B.

فما هي القصة وراء هذا النوع من الفرق؟

إسبانيا: نموذج مُتبنى من الدولة

بمجرد الحديث عن الفرق B أو فرق الرديف الأصغر سناً، فإن أول ما قد يتبادر إلى ذهنك هي فرق ريال مدريد وبرشلونة B، فالبتأكيد مر على مسامعك أسماء هذه الفرق، ولا غرابة في الحيرة التي تنتابك في كل مرة تسمع فيها أسماءها، لا عليك نحن هنا لفض هذه الإشكالية.

بدايةً، لا يقتصر الأمر على ريال مدريد وبرشلونة فقط، وإنما يمتد لكرة القدم الإسبانية برمتها. لعل أحد أهم المميزات التي تختص بها كرة القدم الإسبانية هي طريقة دمجها لفرق الرديف تلك في هرمها الرياضي.

وفقاً لمجلة فوربس الأمريكية فإن أكثر من 75% من فرق الدرجة الأولى للدوري الإسباني لديها فريق رديف يشارك في الدرجات الأدنى من الدوري، بل هناك ستة فرق من دوري الدرجة الثانية لهذا الموسم لديها فرق رديف في دوري الدرجة الثالثة.

يتبنى اتحاد كرة القدم الإسباني فكرة فرق الرديف باعتبارها أداة لخلق مساحة تنافسية في درجات الدوري المختلفة، مما يعني در أرباح أكثر، وفرصة لزيادة جودة اللاعبين الشباب المشاركين في دوريات أكثر تنافسية بصفة مستمرة.

سمح الاتحاد الإسباني للفرق B بالمشاركة في الدرجات المختلفة من الدوري وبطولات كأس ملك إسبانيا، مع منع صعودها لدوري الدرجة الأولى، وهو ما تنص عليه قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم أيضاً، بمنع وجود فريقين لنفس الفريق أو لنفس المالك في نفس درجة الدوري.

 لكن الحكاية لم تبدأ كمشروع مُتبع من الدولة نفسها أو من اتحاد كرة القدم؛ إذاً فمن أين كانت البداية؟

من اللاماسيا والكاستيا: العملية ميسي

بمجرد سؤالك عن أبرز لاعبي فريق برشلونة حالياً، ستكون الإجابة بلا شك «لامين يامال». لطالما جادت مدرسة الكرة في برشلونة – لاماسيا - بالعديد من النجوم والأساطير عبر تاريخ كرة القدم. في تقرير صادر عن مرصد كرة القدم - CIES وجد أن برشلونة هو أعلى فرق الدوريات الخمس الكبرى استعانةً بالشباب تحت 20 عاماً موسم 2023-2024، وبنسبة 15% أعلى من الفريق الذي يليه.

وفي تقرير آخر لنفس المرصد في نوفمبر 2023 وجد أن ريال مدريد ومدرسته لكرة القدم – كاستيا - هو أكثر الفرق التي أنتجت عدداً من اللاعبين النشيطين في الدوريات الخمس الكبرى، بـ 44 لاعباً، وإن دلَّ ذلك على شيء فهو جودة هذه المدارس.

في حديثه لموقع ذا أثليتيك يتحدث ألتيميرا، مدير اللاماسيا بين عامي 2014 و2021، بأنه لولا وجود الفرق B في إسبانيا لكانت أكثر من نصف هذه المواهب هباءً منثوراً، فهذه الفرق من وجهة نظره كانت دوماً حلقة الوصل، ووسيلة للحفاظ على تلك المواهب الشابة، وطريقاً مختصراً وحقيقياً لتلميعهم، وتأهيلهم نحو الفريق الأول.

ويضرب مثالاً بسيطاً بأن أبرز ما أنتج هذا النظم كان بلا شك ميسي، بل صارت رحلة البحث عن ميسي هي هدف كل مدرسة كرة وفريق رديف في إسبانيا، بل يتفاخر أن أول فريق رديف في عالم كرة بدأ مبكراً من كاتالونيا، عندما أُطلق فريق برشلونة B عام 1934، ثم سارت على نهجه بقية الفرق.

ويتحدث معاونه إبان فترة توليه مسئولية اللاماسيا جوردي رورا بأن نجاح هذه الفرق التي قامت بمجهودات فردية في البداية شجعت الدولة على تبني هذا النظام، بل تغيير شكل الهرم الرياضي كله؛ لكي يستوعب كل فرق الرديف تلك، ووضع قوانين تنظم طريقة وجود هذه الفرق، وطريقة صعودها وهبوطها من الدوريات المختلفة.

 وهو ما يقودنا إلى سؤال منطقي؛ إن كانت الأمور بهذه الكيفية فلماذا لا تتبع كل الدوريات الكبرى النظام نفسه؟ ولماذا لا نشاهده في الدوري الأهم في عالم كرة، الدوري الإنجليزي؟

إنجلترا: الاتجاه المعاكس

قبل الولوج إلى إنجلترا هناك قصة نود أن نرويها لك. في موسم 1979-1980، وتحديداً في بطولة كأس ملك إسبانيا، بلغ ريال مدريد والفريق الخاص به نهائي البطولة في ظاهرة غريبة، لكنها تشهد على نجاح النظام، ونجاح إسبانيا في تطبيقه. لكن ما دخل هذه القصة بإنجلترا؟

تُعد القصة السابقة هي السبب وراء رفض إنجلترا لتطبيق هذا النظام، تتشكل الكرة في إنجلترا بنظام هرمي معقد للغاية، تتحرك فيه الفرق صعوداً وهبوطاً بغية الوصول للبريمير ليج.

وفقاً لمحرري ذا أثليتك، فإن كل فريق في هذه القاعدة الهرمية يحمل هوية المكان الذي ينحدر منه، ويحمل أحلام لاعبيه ومشجعيه على حد سواء، وكثيرة هي القصص التي جاءت من أسفل الهرم لأعلاه، مثل ويجان ولوتون سيتي وويمبلدون وغيرهم، وهو ما يجعل فرضية أن تزاحمهم فرق الرديف للفرق الكبرى غير مقبولة.

ينادي المدرب الإسباني بيب جوارديولا، مدرب فريق مانشستر سيتي، منذ أمد بضرورة السماح لفرق الرديف بالمشاركة في الدرجات الأدنى من الدوري، فهي من وجهة نظره طريقة أفضل للاحتكاك والمنافسة من جمع هذه الفرق في دوري خاص بها وحدها.

لكن الأصوات المناهضة لهذا الرأي تعلو على الموافقة عليه؛ بحجة أن الكرة في الدرجات الدنيا تلك تتعلق بالهوية أكثر من الكرة نفسها، بل يعتقد نيك ساند سميث، محلل رياضي إنجليزي، أن إشراك فرق الرديف في هذه الدوريات لن يزيد الفرق الكبرى إلا توحشاً على باقي الأندية.

تطبق ألمانيا والبرتغال وهولندا نفس النظام منذ عقود، وتبحث إيطاليا فرضية تطبيقه في المواسم المقبل، لكن بالعودة إلى الأهلي نهايةً، وبالرغم من أنه لا يمكننا الجزم بنجاح النموذج من عدمه، خاصةً أنها فكرة فردية من نادٍ يبحث عن طريق لاكتناز أكبر قدر من اللاعبين، لكن تخيل أن يوجد فريق باسم الأهلي والزمالك في دوري الدرجة الثانية، وتأثير ذلك على دوريات تعج بفرق الأقاليم ومشجعيها، والزخم الإعلامي والجماهيري الذي قد تحظى به فرق تعاني الفقر والتهميش.

يبقى سؤالنا لك في النهاية؛ إن كان هرم إنجلترا الرياضي لا يسمح بتطبيق هذا النظام، فهل يسمح هرم مصر الرياضي بذلك من وجهة نظرك؟

# النادي الأهلي # كرة القدم المصرية

كيف أتت الشركة الألمانية بنظام الدوري الجديد؟
هل يمكن للكرة المصرية مواجهة نفوذ الخليج؟
الحاج فوزي غانم: صندوق الكرة المصرية الأسود!

رياضة